استشارة اجتماعية بعنوان " لا أسامح نفسي إذا أذنبت " والرد عليها السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسمحوا لي أن أعرضَ مُشك...
استشارة اجتماعية بعنوان " لا أسامح نفسي إذا أذنبت " والرد عليها
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي أن أعرضَ مُشكلاتي ؛ لعلي أجد حلًّا لها لديكم
أنا ضعيفة أمام وساوس الشيطان , أُعاني مِن المَلَل ، والفراغ العاطفي ، وكلما أردتُ أن أملأَ وقتي يأتي الشيطانُ ليدمِّر صورتي عن نفسي!
قد أخطأتُ كثيرًا ، وأذنبتُ كثيرًا ، ولكنِّي تبتُ والحمد لله ، وما زلتُ أتحسَّر على الماضي ، ودائمًا ما أُقارِن نفسي بالفتيات اللاتي لم يُخطِئن مثلي ، وأغبطهنَّ كثيرًا ، وأحتقر نفسي على ما فعلتُ!
لا أخفيكم أنني قد أُسامح أيَّ شخص مهما فعل ، لكني لا أستطيع مُسامَحَة نفسي ، أصبحتُ أحتقر نفسي وأُقَلِّل منها، وأقول الله كريم ، وأنا لا أستكبر ذنوبي أمام مغفرته ، وظني به حسنٌ، لكن المشكلة أني أرى أنني لا أستحق ذلك
كل مَن يعرفني يشهد لي بالأخلاق والعفاف ، لكني أحس أنني أَخدَع الجميع ، وأني أسوأ البشَر
والله أبكي الليل كله على تفريطي ، وندمتُ كثيرًا ، لكني أعود أحيانًا إلى الخطأ ، وهذا يزيد كُرهي لنفسي ، ثم أُجَدِّد التوبة وأعود
أعيش صِراعًا حقيقيًّا ، وأحسُّ أني في دوَّامة لا أستطيع الخُرُوج منها ، كل ما يدور في يومي يذَكِّرني بذنوبي ، ويزيد مِن همِّي , أخاف عقاب الله وعتابه ؛ لأني جعلتُه أهون الناظرين إليَّ ، وما استحييتُ منه ، وهو الذي يتودَّد لي بالنِّعَم ، كيف أُوقِف هذا الصوت الذي يخبرني أني أسوأ خلْقِ الله؟
حتى عند الدُّعاء وقراءة القرآن لا أرَكِّز إلا على آيات الوعيد ، كيف أسامح نفسي فأنا أُذيقها أشد العذاب كل يوم وليلة؟
حتى إنِّي صرتُ أتقبل الإهانات مِن غيري ، وتحقيرهم لي ، وأقول إنني أستحق كل ذلك ، رغم أنه يؤلمني!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي الحبيبة ، أطلب منكِ أن تهوِّني على نفسكِ ، وتهدئي بالًا ، كيف لا والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - يقول ((لا يقولَنَّ أحدكم خَبُثَتْ نفسي ، ولكن ليقل لَقِسَتْ نفسي))؟
ومعنى لَقِسَت ؛ أي ضاقتْ ، وهنا نهي عن تحقير الإنسان لنفسِه
كما أنه يُكرَه للمسلم أن يصفَ نفسه بالصفات القبيحة ، حتى ولو كانتْ صحيحة ؛ لأن هذا ليس مِن التواضع في شيءٍ ؛ لذا عليكِ أن تطردي هذه الأفكار السيئة ، وألا تستسلمي لها أبدًا
انظري إلى الأشياء الجميلة الإيجابية في حياتكِ ، واسعَيْ إلى تنميتِها وتقويتِها ، خاصة في أوقات الأفكار السلبيّة ، احرصي على التواصُل الاجتماعيِّ الجيد ، واحرصي على ممارسة الرياضة
ومن الأشياء التي ينبغي عليكِ أن تأخذي بها ملء أوقات فراغكِ بتعلُّم العُلُوم الشرعيَّة ، وحفظ القرآن الكريم ، وتعلُّم بعض أمور التدبير المنزليِّ ؛ كالحياكة مثلًا
أختي الكريمة ، نحن لا نتجاهَل الماضي، وإنما نجعله درسًا لنا وعبرةً ؛ فنعيش الحاضر بقوة ، والمستقبل بالأمل ، وليكنْ شعاركِ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام 162، 163]
وهناك عدة خطوات لتحقيق ذلك ؛ منها
• الاستعانة بالله - عز وجل - والتوكل عليه ، وكثرة الدعاء ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق 3]
• الحِرْص على الصُّحبة الصالحة ، والتناصُح في الله ، والتعاوُن على البرِّ والتقوى
• استثمار الوقت في العُلُوم الشرعيَّة ، والقرآن ، والدروس الدنيويَّة المفيدة ، كما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ((احرص على ما ينفعك ، واستعِنْ بالله ولا تعجز))
• تنظيم الأوقات ؛ فالعلم له وقت ، والترفيه عن النفس له وقت آخر وهكذا
• اعتدلي في نظرتكِ لنفسك ، وعامليها باحترامٍ وتقدير ، وتأملي في قدراتكِ التي منحك الله إياها
• لا داعي لهذا الخوْفِ ؛ فهو تسويلٌ مِن الشيطان ، فكلما شعرتِ برغبةٍ في التفكير في مثل هذه الأمور ؛ افزعي إلى اللهِ بالدعاء ، واستعيذي بالله مِن الشيطان الرجيم ؛ لقوله - تعالى - ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف 200]
وأخيرًا ، أسأل الله لكِ التوفيق والسداد ، وأن يثبتكِ على دينكِ ، ويوفقكِ لما يحب ويرضى
المستشارة الاجتاعية أ / يمنى زكريا
ليست هناك تعليقات