زوجتي تكذب .. لاشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة ، والكذابون ممقوتون من الناس ، بعيدون عن الله والجنة ، قريبون من الشيطان و النار...
زوجتي تكذب ..
لاشك
أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة ، والكذابون ممقوتون من الناس ، بعيدون عن الله
والجنة ، قريبون من الشيطان و النار ..
وآفة
الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة ، فالكذب مرة ثم مرة يحيله إلى عادة من الصعوبة بمكان
التخلص منها ، وإلى هذا يشير الحديث الشريف : ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر
يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإن الكذب يهدي إلى
الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) .
صحيح الجامع برقم ( 1665 ) .
والكذب
يعود إلى فقدان الثقة في الشخص الكذاب حتى وإن كان ما يقوله صدقاً ، والزوجة التي
تكذب على زوجها تدفعه لفقدان الثقة في أقوالها عامة ، والكذب هو تزييف الحقيقة أو
إخفاء بعضها ، فإخفاء بعض الحقيقة كذب أيضاً وتزييف ، فالمرأة التي تذكر الشيء على
غير حقيقته أو تخفي شيئاً مهماً قد يؤثر في فهم الموضوع فإنها بذلك تكذب .
·
ولكن هل جميع الكذب حرام ؟!
عن
أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص
في شيء من الكذب إلا في ثلاث : ( الرجل يقول القول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول
القول في الحرب ، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها ) . البخاري مع الفتح (
5/299 ) .
والكذب
في حديث الزوج زوجته والزوجة زوجها المشار إليه آنفاً إنما هو الكذب الذي يقوي
رابطة الحب بين الزوجين ويدفع عنهما مشكلات الحياة الزوجية العارمة ، كأن يمتدح
الزوج زوجته ويذكر من حسنها وجمالها ولطفها ورقتها وعذوبتها .. وقد تكون على غير
ذلك لكنه بهذه الكلمات يكسب قلبها ويليّن خلقها ، ويزيد مساحة الود والتفاهم
بينهما ، ونسمي ذلك مجاملة وهي مطلوبة ، فكثيراً ما نحب أن نسمع كلمات المديح
والثناء ممن نحبهم ، فنشعر عندها بالرضى والثقة في النفس ، وهذا ما يحدث للزوجة
بالفعل .
كذلك
فإن الزوجة يمكن بل يجب أحياناً أن تمدح زوجها وتذكر من حسن خلقه وسعة صدره
وإخلاصه وحسن رعايته بيته وأولاده ، فهي بذلك تكسب قلبه أيضاً وتشعره برضاها عن
عيشتها معه ، فتملأ قلبه بالحب لها والتقدير والاحترام ويكون ذلك درءاً لكثير من
المشكلات .
· ولكن : ما هي دوافع الكذب عند الزوجة ؟! أو بمعنى آخر :
لماذا تلجأ الزوجة إلى الكذب ؟!
1-
التنشئة الغير سوية للمرأة في بيت أبيها ، فقد تكون قد تعودت الكذب عن طريق الأب
أو الأم أو الأسرة كلها ، وهذا يدعونا إلى الرجوع إلى القول بحسن الاختيار وعدم
التسرع في ذلك .
2-
تقليد ومشابهة سلوك الأم مع الأب ، فقد تكون الأم غير كاذبة ، ولكن مع زوجها فقط
تتخذ هذا الأسلوب للحصول على بعض المكاسب المادية – وقد لا يرجع ذلك لبخل الزوج
ولكن لشره الزوجة – وقد يرجع لبخله أيضاً أو عدم كفاية مطالبها .
3-
كذب الزوج نفسه ، كأن يعدها بأمور ثم يخلف وعده ، أو يقترض من زوجته مبلغاً ثم لا
يقم بتسديده ويستحله ، أو لا يدفع لها ما دفعته من مال لشراء أشياء من المفترض أن
يشتريها الزوج ، على أن تكون قد أخبرته من قبل بنيتها في الشراء ووافق الزوج على
ذلك .
4-
الكذب خوفاً من رد فعل الزوج ، لأن العصبية الزائدة والتهور في معالجة الأخطاء
الصادرة عن الزوجة وعدم أخذ الأمر بهدوء أعصاب ، وعلاجه بما يستحق دون ثورة أو
انفعال ، كل هذه الأمور تدفع الزوجة إلى الكذب على زوجها في أمور كثيرة خوفاً من
سلوك الزوج .
· وقفة جانبية : نحن أحياناً ندفع زوجاتنا للكذب ..
إن
الزوج الذي يقلل من قيمة كل شيء تشتريه الزوجة ويبخس ثمنه ، أو يوهمها بأنها قد
خُدعت في شرائه ، كثيراً ما يضطر هذا الزوج زوجته إلى الكذب عليه وإخفاء الحقيقة
حتى لا تسمع سخريته أو تتجنب تهكماته ، كذلك الزوج الذي يتعمد سؤال زوجته بعض
الأسئلة المحرجة بالنسبة لها ، فهو يدفعها دفعاً نحو الكذب عليه وإخفاء الحقيقة ،
والزوج الذكي هو الذي لا يضطر زوجته للكذب ، وهو الذي يستطيع أن يتعرف على مدى صدق
زوجته وعلى المواطن التي لا ينبغي الاقتراب منها ، وهي تختلف من امرأة لأخرى حسب
اهتمامات كل واحدة .
مع
أن المرأة قد تكذب في مواطن كثيرة ولاتعتبر ما تفعله كذباً ، ولكن درءاً للحسد
وذراً للرماد في العيون ، مع أن كل من حولها يدركون تماماً حقيقته ويعرفون أنه كذب
، خاصة فيما يخص الأولاد وأكلهم وشربهم .. إنها طبيعة في كل النساء !!
· خطوات نحو العلاج ..
هذا
الكذب يمكن أن يعالج في جو من الحب والتفاهم وتوافر الثقة بين الزوجين ، والمصارحة
بين الزوج وزوجته وعدم أخذ الموضوع بحساسية شديدة بل عليه أن يتغاضى عن الهفوات ،
فالمرأة بطبعها ضعيفة وقد تتخذ من الكذب في بعض الأحيان وسيلة دفاعية لدرء ما تخاف
حدوثه من مشكلات في بيتها ومع زوجها ، فعلى الزوج أن يفهّم زوجته برفق أن هذا
الكذب لا يجوز وأنه قد يخلق جواً من عدم الثقة بينهما ، وأنه من الأفضل أن تصارحه
مهما كانت الظروف ، وهو قادر إن شاء الله على تخطي العقبات ولن يثور عليها بل سيعالج
ما يطرأ بحكمة وصبر ، وأنه لابد أن تصارحه بما تحتاج إليه ولا تتحايل على الأمور
حتى تأخذ ما تريد لأشياء قد تكون مرفوضة من قبل الزوج ، فعليه أن يتفاهم معها ،
ويصلا إلى حل وسط لما يختلفان بشأنه ، فالإقناع والحب هما أفضل وسائل العلاج ،
وكذلك القدوة الصالحة وضرب المثل الطيب في الصدق .
ليست هناك تعليقات