سيطرت ثقافة "take away" على كل شيء فى حياتنا خاصة العلاقات الإنسانية وعلى رأسها الزواج، الذى أصبح للأسف الشدي...
سيطرت ثقافة "take away" على كل شيء فى حياتنا خاصة العلاقات الإنسانية وعلى رأسها الزواج، الذى أصبح للأسف الشديد فى زماننا هذا زواجاً مؤقتاً بعيداً كل البعد عن الاستقرار والديمومة والأبدية والتضحية والصبر وغيرها من المعانى الرائعة والأهداف السامية المتعارف عليها والواجب توافرها لاستمرار الحياة الزوجية..
رغم الغلاء الفاحش الذى طغى واستوحش خلال السنوات الأخيرة إلا أن الطلاق صار أسهل وأسرع قرار يتخذه العديد من الأزواج وترغب فى حدوثه الكثير من الزوجات أيضاً دون النظر إلى عواقبه الوخيمة وثمنه الغالي الذي يدفعه في المقام الأول الأبناء..
لا شك أن هناك زيجات كثيرة فاشلة يستحيل استمرارها حتى لا تتفاقم الأمور وتزداد فشلا وسوءاً، ، ولكن هناك على الجانب الآخر زيجات تنهار بكلمة واحدة لأسباب تافهة غير مقنعة كان يمكن القضاء عليها بسهولة، مثلها فى ذلك مثل الأكلة قليلة الملح التى يغضب عليها آكلها ويقسم على عدم الاقتراب منها رغم أن علاجها سهل جداً ولا يكلفه شيئاً سوى إضافة قليل من الملح أيضاً كى تصير الأكلة بالنسبة له صالحة للأكل!!..
هناك عدة أسباب لهذا الزواج المسرطن والمدمر لكثير من البيوت من أهمها:
- سوء تربية الأبناء من الأساس وبُعد الأمهات والآباء عنهم إما لانشغالهم بتوفير لقمة العيش وإما لعدم وعى الوالدين بأساليب التربية السليمة وغرس القيم والفضائل والأخلاق الحميدة داخل الأبناء الذين هم أمهات وآباء المستقبل.
ـ سوء الاختيار من قِبَل الطرفين وعدم الاهتمام بشرط التكافؤ الفكري والاجتماعي والعمري والمادي ، فضلاً عن الاكتراث بالمظهر الخارجى الخادع دون الجوهر الذى يظهر بعد ساعات قليلة من إتمام الزواج بعد نزع المساحيق وخلع القناع المزيف الذى ارتداه كل منهما أثناء الخطوبة للتجمل والتزوير!.
- ضعف إيمان أحد الطرفين أو كليهما حيث ينتج عنه غضب دائم وعدم رضا بقضاء الله وقدره المكتوب!.
- ما يتم عرضه ليل نهار على الفضائيات من أفلام خليعة وأغانى داعرة تجعل كل منهما يسخط على حاله ويتمنى ويرغب فى ما ليس له!.
- انتشار المواقع الإباحية الملعونة على الشبكة العنكبوتية بشكل يصعب وصفه، والتى يذهب إليها الكثير من الأزواج ذوى النفوس والعقول والقلوب المريضة، إما من باب الفضول أو من باب الشراهة الجنسية والسخط على زوجاتهم لأي سببٍ كان!.
- انتشار المخدرات فى عالمنا العربي بشكل ملحوظ حيث يتعاطاها الكثير من الأزواج وحالياً بعض الزوجات، والتى لها آثار سلبية ومدمرة على كل أجهزة الجسم وخاصة الجهاز العصبى لأنها رجس من عمل الشيطان قياساً على الخمر!!.
- تدخل أحد الوالدين أو كليهما فى حياة أبنائهم المتزوجين بسبب أو بدون سبب فى أحيان كثيرة وفرض آرائهم وسيطرتهم عليهم بزعم أنهم أكبر سناً وأكثر خبرة وقدرة على فهم واستيعاب الأمور، مما ينتج عنه كثير من المشكلات والتناحرات التى غالباً ما تنتهى بالطلاق وهدم عش الزوجية!.
مَن ينظر إلى الأسباب السالف ذكرها قد يشعر أن القضاء عليها مستحيل، ولهؤلاء أقول: إذا سلمنا بنظرية المستحيل واستسلمنا لحالة العجز والوهن التي ترسخت في كثير من مجالات الحياة لن تقوم لنا قائمة ولن ننهض من سباتنا العميق وسنظل فى ذيل الأمم إلى أن نَلقى الله، ولكن على كل فرد أيما كان موقعه أن يتقى الله في كل تصرفاته ويطبق تعاليم الدين السمحة الداعية إلى التمسك بالفضائل والقيم ومكارم الأخلاق، علينا جميعاً أن نحاول تغيير واقعنا الأليم لتتحسن أوضاعنا وأوضاع الجيل القادم الذى هو أمانة بين أيدينا، فإذا أحسنّا صنعه وتهيئته وتربيته دعا لنا وصان جميلنا، وإن بعدنا عنه وأسأنا تربيته وتنشئته وتركناه فريسة سهلة ولقمة سائغة لمن أراد التهامه والقضاء عليه دعا علينا واقتص منا يوم القيامة.
رسالة المراة
ليست هناك تعليقات