تقول منى: “عندما تزوجت من الإنسان الذى أحببته، كان أهم شئ بالنسبة لى هو الحب الحالم … وأحسست أن الزواج هو النهاية السعيدة لقصة حبنا.” ...
تقول منى: “عندما تزوجت من الإنسان الذى أحببته، كان أهم شئ بالنسبة لى هو الحب الحالم … وأحسست أن الزواج هو النهاية السعيدة لقصة حبنا.”
بعد خبرة 16 سنة من الزواج، أصبحت منى أكثر حكمة فتقول: “الحب شئ هام جداً لكنه لا يكفى لاستمرار العلاقة الزوجية. فإذا كنت ستعتمدين على الحب، فلابد أن تعلمى أنه يحتاج إلى التجديد كل يوم … لابد أن تتأكدا كل يوم من أن مشاعركما لم تتغير، وأن تعبرا عن إخلاصكما، وألا تدعا المشاكل تزحف على حياتكما. كل هذا الكلام من السهل أن يقال ولكن من الصعب أن يطبق كما أن الأمر يتطلب إصرار كبير من كلا الطرفين.”
هل كنتما تعرفان ما الذى تتوقعانه من الزواج؟ أم أنكما صدمتما بالواقع وبأن قصتكما لا تشبه الحدوتة التى كنا نسمعها ونحن صغار والتى تنتهى ب”التبات والنبات” وإنما أسفرت عن واقع مختلف؟
إن حقيقة الزواج تفرض على الزوجين تحديات كثيرة، لكن يمكنكما أن تستمتعا بحياة سعيدة معاً إذا علم كل منكما ماذا يتوقع من الزواج وكيف يتعامل مع الواقع. إليكما رأى طبيب نفسى وآراء بعض الزوجات فى هذا الصدد.
أنتما شخصان مختلفان ولا بأس من ذلك
ينصح د. على مختار – استشارى الطب النفسى ومدير مركز الاستشارات النفسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة – بأن يعرف المتزوجون الآتى: “الطرف الآخر قريب منى لكنه قطعاً إنساناً له كيانه الخاص، فالاختلافات جزء هام فى أى علاقة.”
تعترف دينا بأنها عندما تزوجت كانت تعتقد أن الناس لا يختلفون كثيراً عن بعضهم البعض، ولكنها فوجئت عندما اكتشفت أنه حتى الرجل الذى أحبته حباً كبيراً مختلف عنها فى كثير من الأمور الصغيرة والكبيرة. على سبيل المثال، هو يستيقظ مبكراً أما هى فلا تحب أن يزعجها أحد فى الصباح، هو لا يعبأ إذا كان البيت غير مرتب بينما هى تحب أن يكون البيت نظيفاً ومرتباً.
كان رد فعل دينا الأول تجاه هذه الاختلافات أنها حاولت أن تقوم بدور الحَكَم على تصرفات زوجها وأن تحاول تغييره. تقول دينا: “عادةً يدخل كل منا فى العلاقة الزوجية وهو معتقد أن أسلوبه فى الحياة والذى اعتاد عليه منذ صغره هو الأسلوب الصحيح وأن ما دون ذلك ليس صحيحاً.”
بعد زواج دام 20 عاماً، تعلمت دينا أنه من المهم أن يتفهم كل طرف وجهة نظر الطرف الآخر، وقد عرفت دينا أن أسلوبها فى الحياة ليس دائماً أفضل من أسلوب زوجها، وتنصح قائلة: “لا تحاولى أن تجعلى الطرف الآخر مثلك، بل يجب أن تتقبلى وتقدرى الاختلافات.”
توافق منى على رأى دينا وتضيف: “لا تفترضى أن طريقتك فى التعامل مع الأمور هى الطريقة الصحيحة الوحيدة … اعتبرى الزواج فرصة لكى تجربى طرق أخرى فى التعامل مع الأمور والأشياء وأن تكتشفى بدائل حتى لأبسط الأشياء التى تنظرين إليها على أنها أمور مسلم بها.”
يوضح د. على مختار أن كثير من المتزوجين إما يتجنبون الحديث عن اختلافاتهم أو أنهم يعتبرون هذه الاختلافات مصدر للخلاف بينهم، لكن يجب أن يحاول كل طرف أن يعطى الوقت والجهد لفهم الطرف الآخر، وهذا يعنى أكثر من مجرد تقبل وجهة نظر الطرف الآخر باستكانة، بل يعنى محاولة تصور الحياة من منظوره هو.
يقول د. على إن تَقَبُل وتقدير كل طرف لاختلافات الطرف الآخر شئ رائع فى العلاقة الزوجية، لكن يشير إلى أن الوصول لهذه المرحلة يتطلب عادةً عدة سنوات، فاصبرا.
الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية
رغم أن كثير من الأزواج يجدون أن الاختلاف فى وجهات النظر أمر يدعو إلى الضيق، إلا أن هذا الاختلاف أمر طبيعى وأحياناً يكون مفيداً للعلاقة الزوجية. يقول د. على: “الاختلاف فى وجهات النظر أمر طبيعى،” فلا يجب أن ينظر الزوجان إلى هذا الاختلاف على أنه كارثة. ويضيف قائلاً: “إن رد الفعل الشديد دليل على قوة وعمق المشاعر، والمناقشة طريقة صحية للتنفيس عن المشاعر والتعبير عنها.”
تقول دينا المتزوجة منذ 15 عاماً: “يجب أن تتوقعى حدوث مجادلات فالجدال من الأمور التى نتعلم عن طريقها كيف نتواصل.” تشعر داليا أن المناقشات قد تكون مفيدة للغاية إذا استمع كل طرف للطرف الآخر لأنه من خلال المناقشات يتعرف كل طرف أكثر على وجهات نظر الطرف الآخر وعلى منظوره تجاه الأمور المختلفة.
تصف دينا المناقشات الصحية قائلة: “المناقشة الصحية عبارة عن حوار يدور بين طرفين حيث يتم التعبير عن آراء كل طرف. يمكن أن تختلفا ولكن يجب أن يلتزم كل منكما باحترامه للآخر. رغم أن المناقشة أسلوب هام للتعرف على الآخر، إلا أننا يجب أن نتعلم كيف نتناقش وكيف نستمع. وكلما فهم كل طرف الطرف الآخر أكثر، كلما قلت المجادلات بين الطرفين.”
يحذر د. على الأزواج من تجاهل أى طرف لوجهة نظر الطرف الآخر دون محاولة فهمها أو الوصول لحل، وينصح قائلاً: “يجب أن يتخلى الزوجان عن فكرة “رأيى مقابل الرأى الآخر”، أو “أنا صح والآخر خطأ.”
بدلاً من أن يكون هدف كل منكما هو حسم المناقشة لصالحه، يجب أن يكون هدفكما هو حسمها لصالح العلاقة الزوجية. يوضح د. على قائلاً: “عندما يرتبط طرفان، يمكن أن تستفيد علاقتهما حتى لو كسب أحد الطرفين وخسر الطرف الآخر. فالعلاقة الزوجية كيان مستقل بذاته أكبر من كلا الطرفين.”
ليس فى الإمكان تغيير شخصية الآخرين
إذا كنت تأملين فى حل المشكلة عن طريق تغيير شخصية الطرف الآخر، فمن الأفضل أن تتخلى عن هذا الأمل. فالخبراء يؤكدون أن هذا لن يحدث.
تقول منى: “الإنسان يمكن أن يتغير لكن ليس إلى درجة أن تتغير شخصيته.” وتقول أمل – أم لثلاث أبناء: “إن توقع تغيير الطرف الآخر أمر بعيد الحدوث.”
تنصح دينا قائلة: “لا تعتقدى أنك تستطيعين تغيير أحد، ولا أحد يخلو من العيوب ولكن المهم أن نتأقلم مع هذه العيوب.”
يوافق د. على قائلاً: “لا يمكن تغيير الشخصية بشكل كبير،” ويضيف أنه عند تقبلك لاختلافات زوجك، ستفخرين بشخصيته كما هى. فإذا كان زوجك من النوع المنطوى على سبيل المثال، فلا تتوقعى أن يكون نجم مجتمعات، بل على العكس ستفخرين بأنه هادئ ووقور فى المناسبات الاجتماعية.”
يقول د. على أنه على الرغم من أن أى من الطرفين لن يستطيع تغيير شخصية الآخر، إلا أنه مع الوقت يمكن تغيير بعض العادات أو بعض الأمور البسيطة التى قد تسبب إزعاجاً لأحد الطرفين مثل فتح الزجاج أو غلقه أثناء النوم على سبيل المثال. يقول د. على: “يمكن تغيير الكثير من العادات عن طريق الحب، الود، والتفاعل المتبادل.”
تقول دينا “مع الوقت يتنازل كل منكما عن بعض الأمور حتى توافق الطرف الآخر.” على سبيل المثال، قبل الزواج اعتادت داليا على النوم فى التكييف بينما لم يعتد زوجها على ذلك. عندما تزوجا، جرب كل منهما طريقة الآخر، وتقول داليا أن كليهما الآن يستطيع أن ينام بالتكييف وبدونه.
سعادتك ليست مسئولية الطرف الآخر
يقول د. على: “أن تحصلى على شئ ما من خلال العلاقة الزوجية هو توقع واقعى. إنها علاقة يجب أن يسعى كل منكما من أجل تطويرها.” لكن يضيف د. على أن اعتقاد كل طرف أن الطرف الآخر هو المسئول عن إسعاده هو فى الواقع تفكير غير سليم ونظرة غير واقعية لمسألة السعادة.
الزوجات اللاتى تحدثنا معهن أشرن إلى أنه من المهم أن تكونى أنت نفسك سعيدة، فلا تتوقعى أن يحقق لك زوجك أو الزواج هذه السعادة. تقول أمل: “ليس من الواقعى أن يملأ إنسان آخر نقطة خالية فى حياتك بل يجب أن تبحثى أنت عن الأشياء التى تعيشين من أجلها.”
تتفق دينا قائلة: “ليس من الواقعى أن تتزوجى وتتوقعى أن يتفرغ الطرف الآخر لإسعادك، بل لابد وأن تسعدى نفسك … افعلى الأشياء التى تبعث السرور فى نفسك، ولا تعتمدى على الآخرين لكى يرفهوا عنك … حاولى تحقيق التوازن بين استمتاعك باهتماماتك وبين حصولك على أكبر قدر من السعادة مع الطرف الآخر.”
تقول السيدات أيضاً أن عدم قضاء الأزواج أوقاتاً ممتعة سوياً بعد الزواج مثلما كان الحال أيام الخطوبة هو فى الواقع أمر طبيعى وذلك لأن كلا الطرفين تزيد مسئولياته بعد الزواج. يقول د. على أنه بالنسبة لأهمية استمتاع الزوجين بأوقات ظريفة معاً والحرص على إنجاح علاقتهما الزوجية: “من المهم أن تكون بينكما أنشطة مشتركة وأصدقاء مشتركين.”
يشجع د. على أيضاً الأزواج على تقبل حياتهم معاً بكل ما فيها من مميزات وعيوب، ويقول: “الزواج هو تجربة من التجارب التى نمر بها فى حياتنا فيه لحظات سعيدة ولحظات حزينة، خلافات وحلول للخلافات، ارتباط، خوف من فك الارتباط، اعتماد على الطرف الآخر، عدم أمان … فهى خليط من كل شئ فى الحياة، فالعلاقة الزوجية بداخلها كل معانى الحياة المختلفة.”
المصدر: سنا للطب الأصيل.
ليست هناك تعليقات