أعظم الآيات المبثوثة حولنا في الآفاق كثيرًا ما نغفل عن روعتها نتيجة لإلف العادة، فهذه الشمس التي تُشرق بضياء، وتأتي بنهار يبتغي فيه ال...
أعظم الآيات المبثوثة حولنا في الآفاق كثيرًا ما نغفل عن روعتها نتيجة لإلف العادة، فهذه الشمس التي تُشرق بضياء، وتأتي بنهار يبتغي فيه الخلق من فضل الله ويسعون في الأرض، ثم تغرب فيكون ليلًا يسكنون فيه.. معجزة عظيمة، وآية باهرة.. ولكن تكرارها جعلها في عيوننا أمرًا عاديًا.. ما لم نتنبه ونتفكر فيها لمررنا عليها وعلى غيرها من دلائل القدرة عابرين غير عابئين.
هذا ما يفعله بنا الاعتياد.. يُحوّل أجمل الأمور وأقبحها إلى أشياءٍ عادية.. تُلقي بظلال السآمة على أرواحنا، لنبحث عن الجديد الذي يوقظ مشاعرنا، ونستعيد به جاذبية الحياة.
ولأن الزوجين هما الأقرب لبعضهما.. يتشاركان الحياة صغيرها وكبيرها، وتمتزج عاداتهما وكلماتهما وأنفاسهما فإن إمكانية وقوع الملل بينهما أكبر، مما يدفع ببعض المتزوجين للاعتقاد بأن الحب بينهم قد مات، وأن التحمل والمسؤولية والالتزام، بل وأحيانًا نظرة المجتمع ومصلحة الأبناء هي وحدها الأشياء التي تربطهم.. ولكن الحقيقة أن الحب ما زال حيًّا، وأنهما لا يستغنيان عن بعضهما، ولكن الاعتياد والملل هو الذي غطّى المشاعر الجميلة، فعندما نقترب كثيرًا من المرآة لا نرى أنفسنا.. يجب أن نبتعد قليلًا حتى نرى..
ومع تصاعد الإحساس بالملل قد يتجه بعض الرجال إلى الزواج الثاني بحثًا عن تجديد المشاعر، ثم لا يلبث أن يتأسف ويندم.. عندما يشعر بمشقة التعدد التي لم يحسب حسابها قبل أن يقبل على خطوته، بل يشعر باشتياق جارف لاستقراره في بيته الأول، فيظلم الزوجة الثانية فور أن تهب عليها رياح الاعتياد، فتصبح مملولة هي الأخرى!
والزوجة الذكية هي التي تعرف متى وكيف تبتعد، فعصير الرومانسية إذا زاد وتكرر رفضه الذوق، وعافته النفس.. لذا فإنها تُقبل أحيانًا بحنوٍ ودلال، وتبعد أحيانًا أخرى فلا تُغرق زوجها بالمحبة والتعرب ولكن دون تقصير أيضًا..
وقد تتصور بعض الزوجات – خطئًا- أنه حتى يشتاق لها زوجها، ويُدرك قيمتها، وخاصة في أعقاب المشكلات، أن عليها أن تغادر إلى بيت أهلها، فتفتعل المشكلات أولا تحتويها، لتدخل في دوامة من تعب الأعصاب، وتُدخل في نفس زوجها القلق والغضب والامتعاض بدلًا من اللهفة والاشتياق، وكأن الملل لا يزول إلا بـ"الخناق"!
قد تبتعدين وأنتما معًا في المنزل، تنشغلين بأمور جديدة، تتركين له مساحة خاصة أكبر، تنعزلين لبعض الوقت والبسمة لا تفارق مُحيّاكِ..
لا تحولي بين زوجك وبين أصدقائه وأهله، لا تحولي بينه وبين هواياته، ولا تنتظري أن يكون وقفًا عليكِ، وحكرًا لكِ.. فإنك بهذا تحفرين قبر سعادتك الزوجية بيديكِ، فالملل سيداهمك قبل أن يفتك بزوجك!.. دعيه يخرج هانئًا دون شجار، ويسعد بألوان الطيف في حياته، حتى يعود إليكِ دومًا باحثًا عن السكن.. فالإنسان مهما خرج واجتهد وسعى في الأرض، لا يجد سكينته وسعادته إلا في بيته الذي يأوي إليه.. أما إذا كان البيت مشحونًا بالمشاعر السلبية، مملولًا لكثرة المكوث فيه، فقد ينام الإنسان في الطرقات هربًا منه.
اجعلي الأجازة الزوجية روتينًا في حياتكما تكسرين به الروتين!
وتذكري أن من أسرار الزوجة المحبوبة (ألا تقترب من زوجها حتى يمل منها، وألا تبتعد عنه لدرجة أن ينساها)..
ولا تصدقي من يزعمون أن الرجل يحب المرأة التي تتمحور حوله، ولا تفكر إلا فيه، بل هي من أكثر الزوجات إملالًا.. فلا تجبريه على أن يقول بلسان الحال أو المقال: زوجتي العزيزة.. ابتعدي حتى أراكِ.
مي عباس : موقع رسالة المراة
ليست هناك تعليقات