رجل وقور في منتصف الأربعينات يتحول إلى طفل في سن الأربع سنوات وذلك بسبب خوفه حين يقترب منه الطبيب بالحقنة ويتقلص وجهه ألماً قبل أن تخت...
رجل وقور في منتصف الأربعينات يتحول إلى طفل في سن الأربع سنوات وذلك بسبب خوفه حين يقترب منه الطبيب بالحقنة ويتقلص وجهه ألماً قبل أن تخترق الحقنة جلده. مشهد يراه ويعتاده الكثير من الأطباء ويُحرج منه الكثير من المرضى بالأخص المتقدمين في السن.
سواء كنت -لا قدر الله- من المرضى الذين يصيبهم الخوف من الحقن، أو كنت من الأصحاء الذين يقف الخوف بينهم وبين التبرع بالدم لإنقاذ حياة الآخرين فلا تقلق سنعطي لك نصائح مفيدة تجنبك الخوف من الحقن.
لماذا الحقن أصلاً
يتساءل البعض عن جدوى حقن بعض الأدوية مع توافرها في شكل أقراص أو شُرب وخلافه،والإجابة على ذلك يمكن أن نلخصها في النقاط التالية:
- أي دواء يؤخذ عن طريق الحقن يصبح مفعوله أسرع من أي طريقة أخرى، لأنه يصل للدم مباشرة ولا يستغرق وقتًا في الهضم والامتصاص، ولذلك ففي حالات الألم الحاد يُفضل اللجوء إلى الحقن المسكنة مع توافر بديلها من الأقراص لعامل السرعة.
- بعض المرضى لا يمكن لهم تناول الدواء عن طريق الفم لمشاكل في الجهاز الهضمي، ولعل الأدوية المسكنة هى الأشهر على الإطلاق في أعراضها الجانبية السيئة إلى الجهاز الهضمي.
- جميع أنواع التطعيم باستثناء شلل الأطفال يجب أن يُعطى عن طريق الحقن، لأنه يتكون من مواد بروتينية في الأساس لا تَصمد أمام عصارة المعدة. كذلك نفس القاعدة تسير على كثير من العلاجات الأخرى التي لا بديل عن حقنها مثل الإنسولين (أشهر علاجات مرض السكر) والإنترفيرون (أشهر علاجات مرض الكبد).
لذلك فإن اختيار الطبيب لطريقة العلاج يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة المريض وما يناسبه. ويمكنك أن تسأل طبيبك عن وجود بديل ملائم غير الحقن إن وجد بديل.
لماذا يريدون دمي؟
لم نتحدث عن تحليلات الدم اللازمة في حالة المرض أو الكشف الطبي، بل نتحدث عن التبرع بالدم، فإن كثيراً من الناس يغفلون عن أهمية التبرع بالدم ويعتبروها مجرد عمل خيري تطوعي مرة في السنة، وقد كانت الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر والعديد من الدول العربية الأخرى مثلاً حياً لمدى أهمية وجود أكياس دم كافية بالمستشفيات وبنوك الدم لإنقاذ حياة المصابين. فهل خطر في ذهنك ماذا نفعل لكي نوفر للمرضى الدم الكافي لهم طوال العالم بعد ما استنفذ أغلب مخزون بنوك الدم بسبب الأحداث الثورية التي تمر بها البلاد؟ فيجب عليك أن تسارع للتبرع بالدم لكي تنقذ حياة الآخرين.
هل الحقن كله مؤلم؟
لا، فإن السبب الرئيسي في حدوث ألم الحقن هو تنبيه الخلايا العصبية المسئولة عن الإحساس بالألم عن طريق وخز الإبرة، فإن تم الوخز بسرعة وبيد خبيرة فإن "المحقون" لا يكاد يشعر بالألم.
كذلك تختلف أجزاء الجسد في الاستجابة للألم، فالأطراف هى أكثر الأماكن ألماً (لاحظ أن اصطدام إصبع قدمك بالكرسي ليلاً يؤلم أكثر من اصطدام ظهرك به مثلاً)، وكذلك الأماكن التي تحتوي على شعر مثل فروة الرأس لتركز المستقبلات العصبية فيها، في حين أن إحساسك بنفس الوخزة يقل كثيرًا إذا كانت في الظهر أو الصدر أو البطن.
إذا كان الموضوع مجرد "وخزة إبرة".. وغالباً ما تكون في المناطق الأقل ألماً فلماذا يصاب البعض بكل هذا الهلع؟
يجب علينا أن نفرق بين الخوف الطبيعي والألم اللحظي من الحقن، وبين الحالات المرضية. فهناك ما يسمى بالفوبيا (phobia) أو الخوف المرضي المعروف في المراجع العلمية باسمتريبانوفوبيا (Trypanophobia) أو بلينوفوبيا (Blenophobia) أي الخوف من الحقن، وهو يصيب حوالي 3.5% من السكان وهذا المرض لا يقتصر على مجرد خوف وبعض الصراخ وإنما قد يصل الحال بالمريض إلى الإغماء.
وسائل العلاج السلوكي
هناك العديد من وسائل العلاج السلوكي التي يستخدمها بعض الأطباء وثبتت نجاحها في علاج مرض الخوف من الحقن. هذه بعض الأساليب التي يمكن أن تستخدمها حتى لو لم يصل خوفك من الحقن إلى الدرجة المرضية وأيضاً ممكن أن تفيد بها غيرك:
- عدم النظر للحقنة
هذه هى أشهر الطرق على الإطلاق، فبعض الأشخاص يتألمون لمجرد رؤية الحقنة حتى لو لم تلامس جلدهم بعد في حين أنها إذا كانت وخزتهم دون رؤيتها ما كانوا ليشعروا بها أصلاً.
- الاستعانة بصديق
يقول البعض أن وجود صديق أو شخص قريب من المريض يتكلم معه ويمسك بيديه مطمئناً له فهذا له تأثير قوي في عدم الشعور بالألم، وهذا مهم جداً في حالة التبرع بالدم حيث إن المتبرع بعد أن يقوم من على سرير التبرع قد يصاب بدوار شديد يحتاج فيه لمن يسانده، كذلك يجب على من يتبرع لأول مرة أن يذهب بصحبة صديقه ويطلب منه أن يتحدث معه أثناء فترة التبرع حتى يتأكد من أنه لن يفقد الوعي (ولعل أول علامة لفقدان الوعي يشعر بها الشخص هى بُعد الأصوات، فعليه أن يخبر صديقه على الفور لو لاحظ انخفاض صوته).
- الاستلقاء ورفع أو ثني الساقين
وهذه الطريقة المثالية للمتبرع بالدم، فهى توجه الدماء من الطرف السفلي للجسد إلى الطرف العلوي مما يؤدي إلى تقليل نسبة حدوث الإغماء.
- استخدام مسكن موضعي
وهو أمر غير شائع كثيراً في معظم الدول العربية لأنه مكلف بعض الشيء، لكن هناك الكثير من المستحضرات التي يتم دهانها مثل كريم الإملا(EMLA) الذي يحتوي على مادة الليدوكاين (Lidocaine) المسكنة، وأيضاً هناك مستحضرات يمكن رشها على الجلد لتُحدث مايشبه "التنميل"في موضع الحقن. فيمكن استخدام تلك الوسيلة إذا كانت هناك حاجة لحقن متكرر في موضع حساس للألم.
- استخدام حقنة تحمل ملصقاً ملوناً
ولا تندهش من ذلك فهذه الفكرة العجيبة نجحت في علاج خوف أكثر من 50% من المرضى الكبار والصغار، فقد وجد العلماء أن وضع ملصقات ملونة تحمل صور فراشات أو ورود له تأثير فعال في إزالة وتقليل أعراض الخوف والتوتر، هذه الحركة يمكن استخدامها بالأخص مع الأطفال الذين يعانون من مرض السكر ويحتاجون للحقن بالأنسولين بانتظام، فإذا كنت تعرف طفلاً ابتلاه الله بتلك العلة فيمكنك أن تجرب تلك الحيلة معه وستذهل بالنتيجة!
- التفكير في الهدف والنية
في الثواني المعدودة التي سوف تسغرقها الوخزة يمكنك أن تفكر في الهدف الذي يتم وخزك من أجله، فإن كان الحقن لمرض فتذكر الشفاء الذي سوف يأتي من هذه الوخزة. وإن كان بغرض التبرعفيكفي أن تفكر في الحياة التي ستضخها تلك الدماء في عروق إنسان آخر.
كلمة أخيرة للآباء والأمهات
قال بعض علماء النفس أن خوف الإنسان البالغ من الحقن يرجع إلى تجارب سيئة حدثت له أو حُكى له عنها في الطفولة، فرجاءاً من الآباء والأمهات عدم استخدام لفظ الحقنة لتهديد الأطفال بها!
موقع كيف
ليست هناك تعليقات