لا تستوي من تهدر أوقاتها وإمكانياتها هباءًا، وتتفلت الساعات من بين يديها وتنسى نفسها وتضيع وسط التفاهات، ثم تظل تنعى انعدام البركة ولا ...
لا تستوي من تهدر أوقاتها وإمكانياتها هباءًا، وتتفلت الساعات من بين يديها وتنسى نفسها وتضيع وسط التفاهات، ثم تظل تنعى انعدام البركة ولا تكون محصلتها إلا العويل والندم ولسان حالها يردد: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، أو تقول: لو أن لي كرة فأعمل غير الذي كنت أعمل.
لا تستوي هذه مع تلك الحريصة على ما وهبها الله من النعم، وتضع نصب عينيها كيف تحافظ على رأس مالها الذي هو عمرها، وتحسن تدبير ما بين يديها وما خلفها وهي على يقين من أنها في دار السعي والجَد، فلا تكون من الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا.
واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن للفوز خطوات وأن للنجاح طريق:
1ـ التنظيم والتخطيط فمع وضوح الهدف وتحديد الغاية التي خُلقنا من أجلها لابد لنا من الأخذ باسباب النجاح والفلاح، فلا ينكر أحد أن وضع النظام الذي يناسب الشخص ويتلاءم مع ظروف حياته هو من أهم الأسباب المعينة على استثمار الامكانات وبلوغ المرام بجهد أقل واتقان أعلى دون انفاق الكثير من الوقت.
2ـ معرفة الطريقة المثلى للاستفادة من الوسائل والأجهزة الحديثة المتطورة التي أصبحت تحيط بنا وتعين في أداء المهمات المطلوبة، فهناك من تسيء استخدام ما تملك، فبدلا من أن يكون معينا لها يصبح عبئًا عليها، ولتوضيح تلك النقطة نضرب بعض الأمثلة التي قد تقع من إحدانا:
- هناك من تترك التلفاز يعمل طول الوقت ولا تبالي بما يبثه وما تتلقفه آذان المحيطين به، والذي قد يحوي بعض القيم الهدامة وقد قيل كيف تبني وغيرك يهدم.
ـ وهناك من تكدس الغسالة الكهربائية بالملابس ظنًا منها أن الفضل أن تقوم بتشغيلها مرة واحدة لتوفير الوقت والمال، فإذا بها بعد انتهاء دورة التشغيل تتكاسل عن إخراج الملابس فترة ثم تشتكي بعد ذلك بعدم الحصول على ما كانت ترجو وقد يدعوها ذلك لإعادة دورة التشغيل أو استبدال تلك الغسالة!
ـ التعامل مع الثلاجة الكهربائية على انها أقرب ما تكون للمكان الذي يلقى فيه بالاشياء والتي قد يمر عليها وقتا دون تناولها، فيزيد ذلك من ضيقها وعصبيتها وضياع وقت طويل لإعادة تلك الثلاجة إلى طبيعة ما صنعت له، وقد تتعدد الأمثلة ولكل منا ما عليه إدراكه وبذل بعض الجهد لتوفير جهد أكبر.
ومما لا شك فيه أن التعامل مع تلك الأمور الدنيوية بحكمة وخبرة من أهم العوامل التي تعين على الانطلاق في طريق علو الهمة المرجو من الأخت المسلمة التي تبغي المزيد من الأعمال الصالحات التي تدخرها ليوم ولقاء ربها، واعلمي أنكِ أذا أردتِ النجاح والسكينة لحياتك فعليكِ باتباع الهدي النبوي، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ".أخرجه ابن حبان، وصححه الألباني في ظلال الجنة.
فاغتنمي أوقات نشاطكِ وإذا كانوا يقولون لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد فإن أصحاب الهمم العالية ينظمون حياتهم لتسهيل عمل الغد، بل إن يقين المسلمة الصادقة يجعلها تسارع في الاستعداد وتقديم ما يُرفع به الدرجات عند المولى عز وجل القائل {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}. الحشر: 19.
فتدرك أن هذا هو الغد الذي عليها أن تعمل له بكل جدية وهمة وتروض النفس على أن يشملها هذا القول:
وإذا كانت النفوس كبارا*** تعبت في مرادها الأجساد.
اعلمي أنه لا يتناقض مع علو الهمة أن تتحلي بالذكاء في ألا تتكلفي ما لا تطيقين من الأعمال فذلك من الظلم والجهل، فقد يحين وقت الأداء ولا تستطيعين الوفاء فتصاب النفس بالإحباط والإعياء.
الحذر الحذر من الإثقال على النفس فعلينا الترويح عنها في بعض الأحيان بما يرضي الله، بل إن التنوع في نوعية الأعمال وأن يضرب الإنسان بسهم في كل منها فهذا سبيل لجني الكثير من الثمرات.
وهمسة في أذنكِ: لا تنسي أن لكل مرحلة من العمر ما يناسبه من نوعية الجهد والطاقة المبذولة فقد رويَ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه عندما كبر تمنى لو كان قد أخذ بألا يكلف نفسه ما لا يسعه الوفاء به، فعلينا المداومة على الأعمال وإن قلت واليقين بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.
أم الفضل - رسالة المرأة
ليست هناك تعليقات