Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

آخر موضوعاتنا

latest

نظرة في تسمية الابناء

أسماء الأبناء شأني شأن كل معلمي اللغة العربية ، قد يسألنا الناس عن مسائل تتصل باللغة والمعاني ، من ذلك معاني الأسماء ففي يوم أخبرتني صد...

أسماء الأبناء
أسماء الأبناء .. بقلم  د. حنان أبو لبدة

شأني شأن كل معلمي اللغة العربية ، قد يسألنا الناس عن مسائل تتصل باللغة والمعاني ، من ذلك معاني الأسماء ففي يوم أخبرتني صديقة لي أنّها تودّ اختيار اسم لمولودتها ، وقالت : إنّها تستحسن اسم ليلى ، فالاسم خفيف في النطق ويعجبها ، وسألتني عن معناه ، فأجبت : أجل الاسم نطقه خفيف ، غير أنّ معناه الذي أعرفه ، يمنعنا اختياره ، يتضح هذا المعنى في المعجم الوسيط ، ج2 / ليل ، إذ ورد فيه : " ليلى الخمر : نشوتها وبدء سكرها ، وأم ليلى : الخمر ، وليلة ليلى : طويلة شديدة صعبة ، وهي أشد ليالي الشهر ظلمة ". 
ومفاد معناه يتضمن معنى الخمر ، والخمر محرّمة في ديننا ، بدليل قوله تعالى : " يا أيّها الذين آمنوا إنمّا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون " المائدة :90 ، ممّا يقتضي تجنّب اختياره ، لنسمّي به أبناءنا ، كما يتضمن الصعوبة والشدة ، وهو معنى يوحي بالتشاؤم والسلبية . 
وقد ذكّرني هذا الموقف بعبارة كنت قرأتها في كتاب الاشتقاق ، لابن دريد مفادها : أنّ العرب كانوا يسمون ابناءهم لأعدائهم ، نحو : صخر ، متعب ، ليث ، ونحوها ، وكانوا يسمون جواريهم لأنفسهم ، فيختارون لهم أسماء للترويح عن أنفسهم ، مثل : ياقوت ، ريحانة ، أرجوانة ، ونحوها .
ومعنى ذلك أنّ اختيار الأسماء عند العرب لم يكن عشوائيا ، وينطوي على حكمة تتصمن تفسيرًا نفسيّا لهذا الاختيار ، يتمثّل في إشباع حاجتين نفسيتين عندهم وهما :

 1- الحاجة إلى الإحساس بالقوة ، والدفاع عن النفس من الأعداء باختيار أسماء لأبنائهم تتضمّن معاني تعبّر عن القوّة ، ترهب أعداءهم .
 2- الحاجة إلى الترويح عن النفس ؛ باختيار اسماء ، رقيقة محببة إلى النفس ، لجواريهم وغلمانهم الذين جلبوهم لخدمتهم ، والعمل على راحتهم . 
ولا شكّ انّ ما ذكره ابن دريد لا يمثّل الحكمة الوحيدة لاختيار أسماء الأبناء عند العرب ، فقد يختارون الأسماء لحكم كثيرة ، غير أنّ الذي يعنينا هنا هو التزامنا بإحسان اختيار أسماء أبنائنا ؛ لما لها من أثر في نفوسهم ، ولما تتركه من صدى لدى الناس عند تعاملهم معهم ، فنجعل معانيها موضع عنايتنا ، فنختارها مثلًا ؛ لأنّها تتفق وديننا ، وأخلاقنا السامية ، أو لأنّها تشعر صاحبها بالفخر ، أو لأنّها تتضمن معاني إيجابية موحية بالتفاؤل ، وكثيرة تلك الأسماء التي تحمل هذه المعاني ، علاوة على تحلّيها بجمال الجرس وعذوبة المنطق . 


د. حنان أبو لبدة 
جامعة الملك خالد 

موقع تربيتنا

ليست هناك تعليقات